مرحبا بكم في الأمم المتحدة
  • Samantha Power (left), United States Permanent Representative to the UN and President of the Security Council for December, speaks with Ismail Ould Cheikh Ahmed, the Secretary-General's Special Envoy for Yemen, at the Council’s meeting on the situation in Yemen.

23 October 2015, Security Council briefing on the situation in Yemen, Special Envoy for Yemen Ismail Ould Cheikh Ahmed

سيدي الرئيس، أصحاب السعادة،

شكرا لاعطائي هذه الفرصة لاطلاعكم على أبرز التطورات في اليمن.

 

اليمن الحبيب يحترق. اليمنيون في وضع كارثي. وطن ينزف، مدن تنهار والمواطن اليمني محروم من أبسط حقوقه عالق بين نزاعات سياسية ومعارك أمنية لا ترحم.

في أول كلمة لي في هذا المجلس، لقد أعلمتكم بخطة الأمين العام لاجراء محادثات سلام بين الفرقاء في النزاع في جنيف. هذه المحادثات، ورغم قدرتها على تقديم أفكار قيمة للمستقبل،  لم تنجح في الحد من العنف الذي يعاني منه الشعب اليمني. فان الفرقاء لم يتمكنوا حتى من الالتقاء وجها لوجه وهنا تجدر الاشارة الى أن محاولات المحادثات الأولية قد مضى عليها أكثر من خمسة أشهر.

بعدما  قمت الشهر الماضي باعلام المجلس بنيتي بعقد محادثات في الأسابيع اللاحقة فاذا بهذه المحادثات تلغى مرة أخرى مع المطالبة بشروط اضافية.

ان اضاعة هذه الفرص تضع ثقلا كبيرا على كاهل اليمنيين وتؤثر على مستقبلهم ومستقبل بلادهم وتتركهم يتخبطون في دائرة العنف والحرمان.

أعود الآن لأكرر مرة جديدة أن الجماعات المتطرفة تستغل النزاع والفراغ الذي يترتب عنه. فان قسما كبيرا من المجتمع الدولي قد رأى في عودة الحكومة الى عدن بادرة أمل للمستقبل. ونحن كنا نأمل أن تحمل عودة الحكومة الشرعية السلم والأمان حتى تتمكن من معالجة الخدمات الأولية والأساسية.

الا أنه، وللأسف الشديد، لم تمش الرياح كما تشتهي السفن. فقد استهدفت داعش مقر الحكومة في عدن. خسر العديد من المدنيين حياتهم وأصيبت بعض القيادات مما أجبر الحكومة على مغادرة المقر ريثما يتم اتخاذ تدابير أمنية اضافية. كذلك استهدف انتحاريون مسجدا في صنعاء الشهر الماضي مما تسبب بوفاة قسم كبير من المصلين في عيد الأضحى. وكم من المؤسف أن يصبح استهداف المساجد في اليمن، هذا البلد المعروف بايمان أبنائه وانفتاحهم على الآخر، أمرا متكررا. فكلما طالت الحرب كلما توسع تواجد المتطرفين الذين يستغلون فوضى النزاع وتوفر السلاح مما يقوي نفوذهم ويسهل عملياتهم.

وليس حال اليمنيين الا جزء من حال اليمن. فهذا الشعب الذي عرف بكرمه وشيمه وقيمه الانسانية يعاني من تراجع الوضع الانساني ويدفع المدنيون فيه ثمن نزاعات سياسية قتل فيها بعضهم وجرح فيها البعض الآخر ولا زال القسم الأكبر منهم مهجرا داخل بلاده مفتشا عن سقف آمن وغذاء ودواء.

فبحسب أحدث تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، هناك 21 مليون يمني، اي 80% من السكان، بحاجة لمساعدات انسانية....20 مليون شخص لا يتمكنوا من الحصول على مياه صالحة للشرب و عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يزيد عن 500000 طفل.

كيف لا ونيران الحرب تتصاعد من كل مكان؟

-  فقد تم استهداف حفلي زفاف في الأشهر الماضية مما أدى الى وفاة أكثر من مئة شخص بينما المناطق المأهولة بالمدنيين في تعز وغيرها من المدن تتعرض لقصف متواصل.

-  مدينة تعز التي كانت ولسنوات عاصمة اليمن الثقافية في وضع أسوأ من السيئء اذ أصبحت أرضها ساحة معارك تصل الليل بالنهار وسكانها ينازعون.

- أما المساعدات الانسانية، والتي من المفروض أن يتم نقلها بحرية، فانها تمنع من الوصول الى سكان تعز مما يؤدي الى نقص خطير في الأدوية والمواد الأولية. بالاضافة الى اعاقة ادخال الوقود الى المدينة مما حرم قسما كبيرا منها من الماء وهذا يشكل خطرا اضافيا على صحة سكان المنطقة.

وهنا تجدر الاشارة الى أن التعرض للشحن التجاري يؤثر بشكل مباشر على اليمن  واليمنيين. فالوقود أساسي للتنقل و للخدمات الاستشفائية و لضخ المياه التي لا زالت مناطق  عدة في اليمن محرومة منها. وبحسب التقرير نفسه أيضا، فانه تم السماح خلال شهر أيلول بادخال  1% فقط من استهلاك الوقود الشهري. ولا بد من التوضيح هنا الى أنه يوجد حاليا عدد من خزانات الوقود في الحديدة ونأمل أن تخفف هذه المبادرة من المعاناة الكبيرة التي تمر بها البلاد.

 وفي الحديث عن الشأن الانساني، نحيي جهود كل من ساهم ويساهم في التخفيف من صعوبة تحديات الشعب اليمني وتحديدا الناشطين في الحقل الانساني والمنظمات الانسانية الذين يعملون في ظروف شاقة حتى أن البعض منهم قد خسر حياته. تحية اكبار لهم ولعطاءاتهم.

 

سيدي الرئيس،

بالرغم من مأساوية الوضع في اليمن أنا حريص على التحدث عن بعض العوامل التي تبعث الأمل بمستقبل أفضل لليمن واليمنيين. فلقد شاركت مؤخرا في منتدى نظمته منظمة الأمم المتحدة للنساء في لارنكا/ قبرص بالتعاون مع مكتب منسق الأمم المتحدة المقيم في اليمن ومكتبي. جمع المنتدى نساء من مختلف المناطق والانتماءات اليمنية ليعكس صورة عن تنوع الانتماءات السياسية.

فبالرغم من التفاوت الملحوظ في النظرة الى أسباب الحرب، كان الاجماع على أن مناقشة الاختلافات تتم من خلال حوار وطني سلمي. فقد طالبت السيدات بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لتحسين الوضع الانساني، تخطي كل ما يعيق وصول المساعدات الانسانية وتأمين المواد الغذائية عبر الحدود وفي الداخل اليمني بالاضافة طبعا الى حماية المدنيين من كل أشكال العنف. كما طالبن جميع الفرقاء في النزاع بالعودة الى طاولة المشاورات للتوصل الى حل سلمي.

فهذه السيدات سوف تشكل معا تحالفا نسائيا من أجل الأمن والسلام. وأنا سأسعى جاهدا للتعاون معهن ومع مجموعات أخرى من المجتمع المدني حتى يكون صدى صوتهم بناءا وفعالا في انهاء الأزمة اليمنية والعودة الى حوار سلمي سياسي.

 

 

سيدي الرئيس،

في آخر لقاء لي معكم في هذا المجلس لقد أعلنت عن اقتراب موعد جلسات تشاورية تجمع الحكومة اليمنية بمعارضيها. الا أن الموعد تأخر مع مطالبة الحكومة باعلان واضح بقبول الحوثيين بالقرار 2216.

لقد بقيت على تواصل مع الحوثيين و المؤتمر الشعبي العام لحثهم على قبول القرار 2216 كركيزة لمفاوضات تخرج اليمن من النزاع. ولم يطل الوقت حتى أعلن الحوثيون و المؤتمر الشعبي العام عن التزامهم بتطبيق القرار 2216 الذي يتضمن التفاوض على الانسحاب من المدن الرئيسية في اليمن وتسليم السلاح الى الحكومة.

لقد عدت مؤخرا من جولة جديدة في الشرق الأوسط أطلعت فيها الحكومة اليمنية في الرياض والقادات السعودية عن أبرز المستجدات وعن نتائج مباحثاتي مع الحوثيين. وكانت لي لقاءات مماثلة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة مع أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف زياني ورؤساء خارجية المملكة العربية السعودية وعمان وقطر والامارات العربية المتحدة. كما قمت بزيارة خاصة الى الاتحاد الروسي حيث أجريت لقاءات مكثفة مع سعادة السيد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي والمعنيين بالشأن الاقليمي وكانوا جميعهم من الداعمين للجهود التي نقوم بها من أجل حل سياسي سلمي للأزمة اليمنية.

أنا ممتن وشاكر لكل الدعم الذي أتلقاه في المنطقة. فقد عملت في الأسابيع الأخيرة بشكل متواصل مع الأمين العام الدكتور زياني لنؤكد للحكومة اليمنية أن الشروط التي وضعت للمشاركة في الحوار قد تم التوافق عليها.

وبناء على مساعي الحثيثة والمتواصلة مع كل الأطراف اليمنية، لقد أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة الرئيس هادي بقبول التفاوض على أساس القرار 2216.

يهمني اعلامكم أيضا أن الرئيس هادي قد أبلغ الأمين العام في رسالة بتاريخ 19 تشرين الأول أوكتوبر عن نيته بارسال بعثة خاصة للمشاركة في المحادثات للتوصل الى حل للأزمة بحسب القرار 2216 وأنا حاليا على تواصل مع كل الأطراف المشاركة للاتفاق على الزمان والمكان وآلية العمل وكلي أمل أن تكون هذه المحادثات وجها لوجه، حتى تكون الأولى من نوعها و تجمع الحكومة بالحوثيين والمؤتمر الشعبي العام، بداية لخارطة طريق تعيد السلم الى اليمن وتفتح المجال لحوار سياسي سلمي يؤهل لمرحلة انتقالية جديدة.

وما اقترحته على الأطراف يعتمد على آلية تطبيق القرار 2216  والتشاور على كل بند من بنوده والتطرق الى انسحاب الميليشيات من المدن الرئيسية، اطلاق سراح السجناء، تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة العيار الى الجيش، تحسين الوضع الانساني واستئناف حوار سياسي جامع. فهذه الخطوات من شأنها أن ترسخ توصيات الحوار الوطني و مبادرة مجلس التعاون الخليجي.

لا شك أن هذه المباحثات سوف تشكل مرحلة مهمة في التاريخ اليمني الحديث ونأمل أن تحمل الأمل للشعب اليمني الذي عانى الكثير ولا زال يعاني وهو الضحية الكبرى للنزاع الحاصل. فالكل الآن مدرك أن لا حلا عسكريا لهذا الصراع ووحدها مباحثات السلام تمهد لمستقبل أفضل.

الا أن هذه المبادرة الأولية تحتاج الى الرعاية والحماية. فمواقف الأطراف المعنية في النزاع لا زالت متفاوتة.  نحن نعول على دعمكم وتحفيزكم لكل الأطراف على المضي قدما بكل ما من شأنه أن ينهي الصراع ويحمل اليمن الى بر الأمان ومستقبل أفضل.

في الختام أمل وشكر ودعاء. أمل أن يكون لقاؤنا المقبل في هذا المجلس هو لاعلامكم بنتائج المباحثات اليمنية – اليمنية، شكر لدعمكم المتواصل وتعاون المجتمع الدولي ودول المنطقة، ودعاء لتوحد جميع اليمنيين من أجل مصلحة اليمن العليا أولا حتى يطوي اليمن صفحة الحرب ليفتح صفحات تشبهه تشع أملا وفخرا وريادة.