اعترف الأمين العام بأن نتائج تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (آب/أغسطس 2021) الذي خلص إلى أن العالم يواجه مخاطر غير مسبوقة من جراء تغير المناخ وأن كل منطقة متأثره به - تمثّل ”جرس إنذار للبشرية“. ونظرا لحجم حالة الطوارئ المناخية، لم يكن هناك مفرّ من أن تتجاوز تداعياتها حدود المجال البيئي لتمس المجال الاجتماعي والسياسي. ومع أن تغير المناخ نادرا ما يكون السبب الرئيسي لأي نزاع، إن حدث ذلك إطلاقا، إلا أنه قد يشكل عاملا مضاعفا للمخاطر، مما يؤدي إلى تفاقم موطن الضعف الكامنة وتزايد المظالم القائمة.
ولقد أصبح فهم المخاطر الأمنية المتصلة بالمناخ والاستجابة لها أولوية استراتيجية بالنسبة لإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام، كما يتضح ذلك من خطتها الاستراتيجية للفترة 2020-2022. وهذه المخاطر وثيقة الصلة بسياقاتها، وهي تخلّف آثارا متباينة حسب المناطق والبلدان والمجتمعات المحلية، مما يتطلب إجراء تحليلات وبلورة استجابات متكاملة لأنها تؤثر على النساء والرجال والشباب بطرق مختلفة. وتزداد حدة المخاطر عندما تكون النزاعات السابقة أو الحالية قد قوّضت قدرة المؤسسات والمجتمعات المحلية على استيعاب الضغوط الإضافية الناجمة عن تغير المناخ أو التكيف مع البيئة المتغيرة.
وكما شددت على ذلك روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، في الإحاطة التي قدمتها إلى مجلس الأمن في عام 2020، قد خلّف تغير المناخ تداعيات كبيرة على قدرتنا على منع نشوب النزاعات والحفاظ على السلام في مختلف أنحاء العالم. وينطبق هذا على السياقات التي تدير فيها إدارة شؤون السلام والشؤون السياسية بعثات سياسية خاصة (يوجد معظمها في بلدان معرضة بشدة لآثار تغير المناخ حسب مؤشر مبادرة التكيّف العالمي لجامعة نوتر دام ND-GAIN) وكذلك على البيئات التي لا توجد فيها بعثات حيث تقدم الإدارة الدعم للمنسقين المقيمين للأمم المتحدة في مجال منع نشوب النزاعات وصنع السلام وبناء السلام، بما في ذلك من خلال البرنامج المشترك بين البرنامج الإنمائي وإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام لبناء القدرات الوطنية على منع نشوب النزاعات.
وتبذل الإدارة جهودا هادفة لتكييف ممارساتها وأساليبها مع عالم متغير مناخيا، بما في ذلك بإدماج الاعتبارات المتعلقة بتغير المناخ في آليات التحليل والتخطيط، وكذلك في استراتيجيات المنع والوساطة وبناء السلام. وتشمل الأنشطة الرئيسية التي تقوم بها إجراء تحليلات محددة الهدف، وتنسيق الأنشطة، واتباع نهج بيئية إزاء المنع، ووضع توجيهات جديدة في المجالات الأساسية للإدارة، مثل الوساطة في النزاعات المسلحة. وكانت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال، عملا بالولاية التي أوكلها إليها مجلس الأمن، أول بعثة ميدانية تابعة للأمم المتحدة تنشر قدرات متفرغة معنية بالأمن المناخي بهدف تقييم المخاطر الأمنية المتصلة بالمناخ، ووضع استراتيجيات مناسبة لإدارة المخاطر، وإطلاع مجلس الأمن على النتائج التي تتوصل إليها. وتُبذل جهود مماثلة في سياقات أخرى اعترف فيها المجلس بالآثار الضارة لتغير المناخ، من جملة عوامل أخرى، على الاستقرار. وبما أن المخاطر الأمنية المتصلة بالمناخ لا تؤثر على الجميع بنفس القدر، تولي إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام اهتماما خاصا للتأثير على المرأة وكذلك على إمكانات المرأة باعتبارها عاملا من عوامل التغيير.
ونظرا للطابع المعقد للروابط بين تغير المناخ والسلام والأمن، تسعى الإدارة إلى اتباع نهج متكاملة وشراكات متعددة المستويات. وفي محاولة للترويج لنُهج تجمع بين جهود بناء السلام والقدرة على الصمود والتكيف، تستثمر الإدارة، من خلال صندوق بناء السلام، في عدد متزايد من مشاريع بناء السلام المراعية للمناخ في مختلف أنحاء العالم. وتسعى الإدارة أيضا إلى تعزيز الشراكات مع المنظمات الإقليمية والحكومات والمجتمع المدني والأوساط البحثية من أجل الاستفادة من القدرات القائمة، ودعم الحلول المحلية، وتعزيز قاعدة الأدلة العالمية بشأن المخاطر الأمنية المتصلة بالمناخ.
آلية الأمن المناخي
تمثل آلية الأمن المناخي عنصرا هاما من الجهود التي تبذلها إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام لفهم الروابط بين تغير المناخ والسلام والأمن ومعالجتها. وتسعى هذه الآلية التي أنشئت في عام 2018 بوصفها مبادرة مشتركة بين إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى مساعدة منظومة الأمم المتحدة على معالجة المخاطر الأمنية المتصلة بالمناخ بصورة أكثر منهجية. ويمكن الاطلاع على التقرير المرحلي لآلية الأمن المناخي لعام 2021 هنا.
وتحقيقا لهذه الغاية، تقدم آلية الأمن المناخي الدعمَ للبعثات الميدانية ومنسقي الأمم المتحدة المقيمين والمنظمات الإقليمية من أجل إجراء تقييمات لمخاطر الأمن المناخي ووضع استراتيجيات لإدارة المخاطر. وأنشأت الآلية أيضا جماعة الممارسات المهنية المعنية بالأمن المناخي التابعة للأمم المتحدة باعتبارها منتدى غير رسمي لتبادل المعلومات والمشاركة في توليد المعارف. وهذه المجموعة - التي تضم حوالي 25 كيانا من كيانات الأمم المتحدة - تجتمع مرة كل بضعة أسابيع وأبوابها مفتوحة أمام جميع موظفي الأمم المتحدة المهتمين بهذا الموضوع.
المواد التدريبية ومجموعة الأدوات
تتضمن الأولويات الإضافية لآلية الأمن المناخي بناء القدرات من أجل المساعدة على تعزيز قدرتنا الجماعية على إعطاء دفع لمنع نشوب النزاعات والحفاظ على السلام في عالم متغير مناخيًّا. وبالتعاون مع الشركاء، قامت الآلية بإعداد مجموعة من الأدوات للمساعدة على وضع نهج مشترك إزاء تحليل المخاطر الأمنية المتصلة بالمناخ وبلورة استجابات متكاملة وحسنة التوقيت. ومجموعة الأدوات متاحة لجميع الممارسين وهي تتضمن الوثائق التوجيهية التالية:
• مذكرة إحاطة بشأن الأمن المناخي (en/fr/sp)
• النهج المفاهيمي لتقييم المخاطر (en/fr/sp)
• مصادر البيانات ذات الصلة (en/fr/sp)
• قائمة مرجعية للمساعدة على إجراء تحليل سياسي مراعٍ للاعتبارات المناخية (en/fr/sp)
اتصل بنا
يرجى إرسال استفساركم هنا للحصول على مزيد من المعلومات.